الحمد لله وحده،
والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، نبينا محمد -
صلَّى الله عليه وسلَّم -،
وبعدُ:
فلو
تأمَّل المسلم قليلاً من الوقت في حال الأجيال الناشئة في
مجتمعنا، لرأى كثيرًا من صُوَر الانحراف في أخلاق وعقول
كثيرٍ من شبابنا وأبنائنا؛ إلاَّ ما رحِمَ الله؛ ذلك أنَّ
هذه الأجيال فقَدَت كثيرًا من عوامل التربية الإسلامية
الرشيدة، والموجِّهة لسلوكهم وأخلاقهم وعقولهم.
مدارس التربية والتناقض الواضح:
فالواقع أنَّ عوامل ومدارس التربية كثيرة، فالبيت أساس
التربية، والمدرسة والجامعة لها دورٌ آخر كبير الأثر،
والمساجد لها دور عَقَدي إيماني واضح، لكنَّ الإشكال أنَّ
هذه المدارس الثلاثة الكبرى للتربية كانت محورًا أساسًا في
هذا الباب إلى عهدٍ قريب منَّا، لكننا اليوم أصبحنا نرى
خلْطًا وتشويشًا في توجُّهات الأجيال المسلمة الناشئة؛
وذلك لوجود عددٍ من الوسائل الأخرى والتي تُشارك وبقوَّة
وتأثير في مهمة التربية، ومن أهمها وسائل الإعلام؛
المرئية، والمسموعة، والمقروءَة، على حدٍّ سواء، والتي
بدورها تُسهم في تشكيل العقل والفكر والسلوك، وتُشاركهم
طريقة مطعمهم ومَلبسهم، حتى تسريحة شعرهم، ولون حِذائهم.
ولقد أصبَح لهذه الوسائل جاذبيَّة كبيرة في استقطاب نظر
الناشئة، وطبقات الشباب والفتيات، والواقع الذي لا مَحيد
منه أنَّ جُلَّ القائمين عليها - إلاَّ مَن رحِم الله - لا
يرقبون في شباب الأُمَّة إلاًّ ولا ذِمَّة، ولا يحملون
الأمانة بصِدق وحِكمة، فأفسدوا كثيرًا بما يقدمون للأجيال
من البرامج الغنائية الساقطة، والثقافية التافهة،
والمسرحية والدرامية الهزيلة، إلى جانب ذلك الرُّكام من
الأفلام والمسلسلات، والتي تجمع في أهدافها هدْمَ القِيَم
والأخلاق الثابتة من شعائر الإسلام وشرائعه، وتُمَيِّع
الهُوية المسلمة في قلوب أبنائنا، وتُذَوِّبهم في المدِّ
الغربي والعلماني الجارف، بعيدًا عن وحْي الله - تعالى -
ومنهجه، وتحثُّهم على قتْل قِيَم الحياء والأدب في نفوسهم،
وتحثهم على الوقوع في الفواحش والرذيلة، والمعاصي
والمنكرات، كما تُغريهم وتعلِّمهم وسائل الانحراف، وتناول
المسكِرات والمخدرات، إضافةً إلى الانحراف العقدي والفكري.
كما لا ننسى دور المجلات والدوريَّات التي تأخذ حيِّزًا
كبيرًا من أوقات الشباب والفتيات، في مطالعة قَصص الحبِّ
والغرام والهيام، وأخبار اللاعبين والفنانين والمطربين،
الذين سَرَقوا أوقات وعقول هذه الأُمة، وسَرَقوا أموالها
وثرواتها تحت مُسَمَّى رسالة الفن والإبداع.
كما لا ننسى أيضًا بعض التوجُّهات المشبوهة من بعض الأفراد
والاتجاهات التي تريد العبث في التعليم الحكومي والجامعي،
تلك التي تطمس نورَ الإيمان والعقيدة في قلوب الأجيال،
وتزوِّر بعضًا من حقائق التاريخ الإسلامي والإنساني،
وتنادي بتمجيد الفن والموسيقا، ورِفعة النحت والتماثيل،
وحمْل العود والبيانو والمعازف، ولا تهتم كثيرًا بغرْس
القِيَم والدين والأخلاق، ولا تهتم كثيرًا بتعليم سِيَر
الصحابة والعلماء والفاتحين، ولا تعبأ بأن تكون حصة
التربية الإسلامية حصة أو حصتين على مَدار الأسبوع كلِّه.
إلى جانب آخر من السيطرة والإحكام والتحجيم المتعمَّد على
دور المسجد في حياة الشباب المسلم، وإبعادهم بشتَّى
الوسائل والطرق عن العلماء والصالحين هنا وهناك، والتضييق
عليهم، وقتْل فُرَص التربية الإسلامية الصحيحة في بيوت
الله - تعالى - وتحت رعاية أهل العلم الصادقين المتمكنين.
الأسرة المسلمة هي المسؤول الأول عن التربية:
كل هذه الوسائل وغيرها تُشارك في قضية تربية الأجيال
والشباب، شِئنا هذا أم أبينا، لكن الحق وكل الحق، أنَّ
الأسرة المسلمة والبيت المسلم، هو القاعدة الأساس، والعمود
الأوحد في هذه القضية كلها، مهْمَا تعدَّدت مدارس التربية،
لماذا؟
لأن هذه الوسائل مهما كَثُر خطرُها، وامتدَّ ضررها،
فبالإمكان تضييق الخِناق عليها، وردُّ الباطل منها، وإضعاف
تأثيرها، وبالإمكان إبعادها من حياتنا والاستغناء عنها إلى
مرحلة تربويَّة صحيحة، تُغْرَس فيها القِيَم، وتُعَلَّم
فيها أصولُ الإسلام وعقائدُه.
ثم الأهم من ذلك كله أنَّ الله - تعالى - في كتابه وسُنَّة
رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بيَّن لنا أن الأسرة هي
أصل التربية للأجيال وعمودها، فقال - تعالى -: ﴿
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ
اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
﴾ [التحريم: 6].
قال العلاَّمة ابن سعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه
الآية: "أي: يا مَن منَّ الله عليهم بالإيمان، قوموا
بلوازمه وشروطه؛ فـ﴿
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
﴾ موصوفة بهذه الأوصاف الفظيعة، ووقاية الأنفس بإلزامها
أمرَ الله، والقيام بأمره امتثالاً، ونهيه اجتنابًا،
والتوبة عمَّا يُسخط الله ويوجِب العذاب، ووقاية الأهل
والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا
يسلم العبد إلاَّ إذا قام بما أمَر الله به في نفسه، وفيما
يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد، وغيرهم ممن هو تحت
ولايته وتصرُّفه"[1].
وقال العلاَّمة الشوكاني - رحمه الله تعالى -:
"﴿
وَأَهْلِيكُمْ
﴾ بأمرهم بطاعة الله، ونَهْيهم عن معاصيه، ﴿
نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
﴾؛ أي: نارًا عظيمة تتوقَّد بالناس وبالحجارة، كما يتوقَّد
غيرها بالحطب، وقد تقدَّم بيان هذا في سورة البقرة.
قال مقاتل بن سليمان:
المعنى: قوا أنفسكم وأهليكم بالأدب الصالح النارَ في
الآخرة، وقال قتادة، ومجاهد: قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا
أهليكم بوصيَّتكم".
قال ابن جرير:
فعلينا أن نعلِّم أولادنا الدين والخيرَ، وما لا يُسْتغنى
عنه من الأدب، ومن هذا قوله: ﴿
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا
﴾ [طه: 132]، وقوله: ﴿
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
﴾ [الشعراء: 214]"[2].
وكما جاء في الحديث أنَّ تعليم العقيدة وغرْسها أصلها
الأسرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - كان يحدِّث قال:
قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما من مولود
إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه،
أو يمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جَمعاء، هل تحسون
فيها من جَدَعاء))، ثم يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -:
"﴿
فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
﴾ [الروم: 30]" الآية؛ متفق عليه.
وكما جاء أيضًا أنَّ الرجل والمرأة في الأسرة مسؤولان عن
تبعة التربية والتنشئة للأولاد، فعن عبدالله بن عمر قال:
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا كلُّكم
راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته، فالإمام الذي على الناس راعٍ
وهو مسؤول عن رعيَّته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول
عن رعيَّته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة
عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا
فكلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته))؛ متفق عليه.
وجاء في الحديث أيضًا أنَّ غرْسَ القِيَم الشرعيَّة،
والشعائر التعبُّدية، إنما هو في الأصل على كاهل الأسرة
المسلمة؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّه قال: قال
رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مُروا أولادكم
بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء
عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))؛ رواه أبو داود، وحسَّنه
الألباني.
ولا ننسى هنا بعد هذا وصيَّة الأب الشفوق الناصح لولده،
المهذِّب لعقيدته وأخلاقه، ذلكم هو لقمان الحكيم - عليه
السلام - وقد ذكَرها الله - تعالى - في كتابه؛ لتكون خيرَ
مُعينٍ على البرِّ والتربية، فقال - تعالى -: ﴿
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا
بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ
*
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ
*
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ
إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
*
يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ
أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
لَطِيفٌ خَبِيرٌ
*
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ
وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
*
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي
الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ
مُخْتَالٍ فَخُورٍ
*
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ
أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
﴾ [لقمان: 13 - 19].
كل هذه النصوص القرآنية والنبوية وغيرها، تُلقي بالتبعة
والمسؤوليَّة التربوية في أصلها على كاهل الوالدين، على
الأسرة المسلمة، وتحمِّلهم هذه العبء الثقيل، ورحِم الله
أيَّامًا كان الناس فيها يقدِّرون هذه الرسالة، فيذهبون
بأولادهم إلى المربِّين والمعلِّمين؛ ليهذِّبوا أخلاقهم،
ويُرشدوا عقولَهم، ويَشحذوا هِمَمهم.
وقد ذكَر الراغب الأصفهاني قولَ عُتبة بن أبي سفيان
لمؤدِّب ولده:
"ليكن أوَّل إصلاحك لولدي إصلاح نفسك؛ فإن عيونَهم معقودة
بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنتَه، والقبيح ما استقبحتَه،
علِّمهم كتاب الله، ورَوِّهم من الحديث أشرفَه، ومن الشعر
أعفَّه، ولا تُكْرههم على علْمٍ فيملُّوه، ولا تَدَعهم
فيهجروه، ولا تُخرجهم من علْمٍ إلى علمٍ حتى يُحكِموه،
فازدحام العلم في السمع مَضلَّة للفَهم، وعلِّمهم سِيَر
الحُكماء وهَدِّدهم وأدِّبهم دوني، ولا تتَّكِل على كفاية
منك، واستزدني بتأثيرك، أزدْك - إن شاء الله تعالى".
وجاء في "مروج
الذهب"؛
للمسعودي أنَّ الأحمر النحوي قال: "بعَث إليّ الرشيدُ؛
لتأديب ولده محمد الأمين، فلمَّا دخلتُ قال: يا أحمر، إن
أمير المؤمنين قد دفَع إليك مهجة نفسه، وثَمرة قلبه،
فصَيَّر يدَك عليه مبسوطَة، وطاعتك عليه واجبة، فكنْ له
بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقْرِئه القرآن، وعرِّفه الآثار،
ورَوِّه الأشعار، وعلِّمه السُّنن، وبصِّره مواقع الكلام
وبَدْأه، وامْنعه الضَّحك إلاَّ في أوقاته، وخُذْه بتعظيم
مشايخ بني هاشم إذا دخلوا إليه، وَرَفْع مجالس القوَّاد
إذا حضروا مجلسه، ولا تمرنَّ بك ساعة إلاَّ وأنت مُغتنم
فيها فائدة تفيده إيَّاها، من غير أن تَخْرُق به فتُميت
ذِهنه، ولا تُمْعِن في مسامحته؛ فيسْتحلِي الفراغ
ويأْلفَه، وقوِّمْه ما استطعتَ بالقُرب والملاينة، فإنْ
أباهُمَا، فعليك بالشدة والغِلظة"[3].
وقد قال الشاعر قديمًا في معرض التربية:
مَشَى
الطَّاوُسُ يَوْمًا بِاعْوِجَاجٍ
فَقَلَّدَ شَكْلَ
مِشْيَتِهِ بَنُوهُ
فَقَالَ:
عَلاَمَ تَخْتَالُونَ؟ قَالُوا
بدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ
مُقَلِّدُوهُ
فَخَالِفْ
سَيْرَكَ الْمِعْوَجَّ وَاعْدِلْ
فَإِنَّا إِنْ عَدَلْتَ
مُعَدِّلُوهُ
أَمَا
تَدْرِي أَبَانَا كلُّ فَرْعٍ
يُجَارِي بِالخُطَى مَنْ
أَدَّبُوهُ
وَيَنْشَأُ
نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا عَلَى مَا كَانَ
عَوَّدَهُ
أَبُوهُ
التربية واجب لا مفرَّ منه:
إذًا الواجب على الوالدين القيام بمهام التربية الإسلامية
الصحيحة للأولاد، وألاَّ يتخلَّوا عن هذه الأمانة العظيمة
في أعناقهم، وألاَّ يقفوا موقف الناظر فحسب، الذي يتألَّم
على ما يرى دون أن يقدِّم يدَ العون لغيره، فإن الله -
تعالى - نَهانا عن الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذي
يضيِّع أمانة التربية لأُسرته، والأخْذ بأيديهم من الهلاك
والانحراف، لا ريب أنه واقِعٌ في هذه الخيانة العُظمى.
إنَّ على الأسرة المسلمة أن تقومَ بغَرْس الدين وشعائره
ومحبَّته في قلوب أبنائها وبناتها، وعليها أن تغرِسَ حبَّ
العبادة والقرآن والذِّكْر فيهم، كما تغرس فيهم قِيَم
الإسلام وأخلاقه الفاضلة وآدابه، وعليها أيضًا أنْ تحفظَهم
من وسائل الانحراف والضلال، ومن الإعلام المقروء والمرئي
والمسموع، وأن تُحَذِّرهم أصدقاء السوء، وأن تَربِطَهم
بكتاب الله وسُنة رسوله، والمساجد وأهل العلم؛ فإن الأمانة
عظيمة، وإنَّ خَطْبَ الأُمة جَللٌ.
قال العلاَّمة ابن القَيِّم - رحمه الله -: "فمَن أهمَلَ
تعليم ولده ما ينفعه، وترَكه سُدًى، فقد أساء إليه غايةَ
الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادُهم من قِبَل الآباء،
وإهمالهم لهم، وترْك تعليمهم فرائضَ الدين وسُننه،
فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولَم ينفعوا آباءَهم
كبارًا"[4].
وأخيرًا نقول:
إن قراءة كتاب في فقه التربية الإسلامية للأولاد ووضْعه في
مكتبة البيت، لن يُكلفنا كثيرًا من أموالنا وأوقاتنا،
واستماع عدَّة محاضرات في فقه التربية لنْ يأخذَ منَّا
الكثير من أوقاتنا أيضًا، في سبيل الوصول إلى فقه تربوي
صحيح.
وإن مطالعة القرآن وآياته الكريمة، ومطالعة السُّنة
النبوية، وقَصص التربية، زادٌ كبير، ورصيد شرعي عظيم لِمَن
أراد التوفيق والهداية، والله الموفِّق لكلِّ خير.
______________
[1]
تفسير ابن سعدي.
[2]
فتح القدير؛ للشوكاني.
[3]
انظر: مروج الذهب.
[4]
تحفة المودود؛ لابن القيم، ص: 229.
نشر في شبكة الألوكة |